فتاة بجواز أخضر Girl with a green passport
لن انسى ما كتبه الكاتب هرمان هيسه في مقالة مترجمة قرأتها مؤخراً منشورة لدى "ساقية" حملت عنوان: هرمان هيسه وماذا تعلمنا الأشجار في معنى الانتماء والحياة, وذاك الأثر البالغ الذي خلفته في والتي هي في الواقع دافعي الأول ربما في كتابتي لهذه التدوينة.
اقتبس:
"في تلك الأوقات التي نصاب فيها بالمحن، حين نكون عاجزين للدرجة التي نشعر فيها أننا لن نصمد في وجه الحياة أكثر يجب أن نقف أمام شجرة، لأنها دائماً تحاول أن تقول لنا شيئا مثل : حاول البقاء، اصمد أكثر، بل أنظر إلي واصغي جيداً، الحياة ليست بتلك السهولة ولكنها أيضاً ليست بالصعوبة التي نظن، ماتمر به مجرد أفكار متطفلة، فالوطن ربما ليس حيث أنت وربما لن يكون في مكان آخر، لأن الوطن يجب أن يكون في داخلك وإلا لن يكون أبداً".
لسنوات منذ الصغر وأنا أحمل في داخلي تساؤلات عدة حول الانتماء إلى أي البلدين يجب أن انتمي أو حتى أحب! وإلى أي منهم يجب أن يكون له ولائي المطلق, عشت في دوامة لا متناهية. بدأ كل شيء حين كنت في الثانية عشر تحديداً في المدرسة عندما كانت تأتي إحداهن لعمل إحصائية ما عن عدد الطالبات "الأجانب" في الصف ويطلبن منهم الوقوف وأقف أسوة بهم لعلمي بأني صومالية الأصل بدوري ,ويحدث أحياناً بأن تلحظ المعلمة اسمي الأخير وما إلى ذلك فتطلبني الجلوس وسط ذهول الطالبات الذي بلغ بهن الحد أن يطلبنني الوقوف أيضاً بينما بعضهم الآخر اكتفين بالتحديق فحسب! مع الوقت كنت قد كرهت حقيقة أصلي هذا وكنت لا أتقبل بل وأجزع عندما يجدر بي الحديث والإفصاح عن الأمر, دائماً كنت أشعر بأنه سوف يتم اقصائي على الفور حالما اكشف عن هويتي من قبل الآخرين. عندما أفكر بذلك الآن يؤسفني الأمر, يؤسفني ماآلت إليه الأمور التي جعلتني مرغمة على إخفاء هويتي خوفاً من الإقصاء أو خوفاً من التعرض للإساءة وللتنمر , لكم كنت اكره عندما لم أكن أعامل كفتاة سعودية ودائماً ما كان الحديث يدور حول ما إذا كنت أجيد التحدث باللغة الصومالية أم لا؟ وبالرغم بأني كنت أجيب دائماً بالنفي لكن لم يكن ينفكن عن إزعاجي والاستمرار في استجوابي وسؤالي عن كيفية نطق الكلمة الفلانية وتلك بالصومالية؟ وكنت غالباً ما أجيب وسط الإلحاح وآملة في الوقت ذاته بأن يتوقفن عن التحدث معي والاستمرار في سؤالي بعدما أشبعت فضولهم ذاك ولو قليلاً لكن بطبيعة الحال هذا لم يدفعهن إلا لسؤال المزيد والمزيد من الأسئلة المشابهة. كنت بطبيعتي فتاة خجولة جداً ومازلت وأظن بأن ذلك صعب علي حياتي كثيراً في مرحلة ما ,كنت منذ مدة قد رأيت إحداهن تتكلم عن الصعوبات التي قاستها لكونها امريكية وكويتية في الوقت عينه وكيف وجدت كلا المجتمعين يواجهها بالرفض , لا أعلم ربما أنا هنا مختلفة عنها لكن وجدت في حديثها هذا ما يشابه ما يحدث معي آنذاك كيف أن الآخرين كانوا على الرغم من أنني سعودية لم يتعاملوا معي على ذلك الأساس ,كنت دائماً بالنسبة إليهم تلك الفتاة صومالية ليس إلا, وذلك يذكرني بتلك الكيفية التي أصبح حتى الصوماليين أنفسهم في السوشل ميديا يتعاطون بها معي عندما أخالطهم وأفصح عن ما أنا عليه ويخبرونني بأني لست منهم طالما جوازي أخضر! ليس الأمر وكأنما هذا الإقصاء مقتصر على مسألة الجواز هذه! اكتشفت حقيقة الأمر بنفسي لاحقاً عندما كنت عاجزة عن خوض اية نقاشات جدية تخص الوطن ,لم أزر ذاك الوطن قط وبالتالي كل أحداث الحرب المنصرمة والنزاعات التي كانت سبباً في التفرقة والعدواة فيما بينهم والتي تعتبر الأحداث التاريخية الأساس التي يجدر بالمرء بأن يطلع عليها ليكون ذلك دلالة على انتماءه أجهلها تماماً ! اتفهم بعض الشيء سبب هذا الإقصاء لكن ما لم اتقبله هذا التشكيك المستمر في مشاعري ومحبتي , لما كان علي دائماً أن أفاضل بين كلا البلدين؟ ولإثبات ماذا؟ ولاء انتماء؟.
دائماً ما أشعر بالحنق حين أوضع في نقطة ما يجب علي فيها أن اختار , ارفض بأن يكون انحيازي دليل رفض لأي منهم!
لا أظن بأني أدين لأي أياً كان بتفسير وتبرير محبتي وموقفي وانتمائي!
أحب كلا منهم بطريقة تختلف عن الأخرى وهذا ما أعرفه جيداَ,أخبرت إحداهم مؤخراً قائلة كم أحب وأفخر لكوني ابنة لهذا البلد العظيم, أحب تلك الظرافة التي تختلف عن اية ظرافة عرفتها , الصوماليين يتميزون بحس فكاهي لذيذ متمثل حتى في طريقة حديثهم ,تؤسفني حقيقة أن الصومال بلد دائماً ما يكون مرتبط بالفقر فقط! ولاشيء آخر.
كانت صدمتي حينما حضرت كورس تعليمي للغة الإنجليزية بداية العام وتطرقنا للبدان وما تشتهر فيه كلا منها وأخبرت المحاضرة بأن الصومال تشتهر بالموز وافصحت بأنها تسمع بهذا ولأول مرة ! مما أثار استغرابي وذلك لأن المعلومة معروفة وشائعة أعني حتى في الكتب الدراسية وردت في الجغرافيا تحديداً.
أفكر أحياناً لماذا لا أجد أي صيت للأدب الصومالي أسوة بالآداب الأخرى كالسودانية وبالأثيوبية وغيرها ,نور الدين فرح يعد الكاتب الذي منح صوتاَ مسموعاً للصومال وله ترجمات بعدة لغات ومنها العربية وهو من المهتمين بتحرير المرأة إبان فترة ما بعد الاستقلال ,هاجر إلى الهند في أولى تناقلاته ليتزوج امرأة هندية توحي إليه ليقود الحركة النسوية في الصومال، ليكتب روايته الأولى «من ضلع أعوج» عام (1970م) عن فتاة من قبيلة بدائية فرت من زيجة مرتبة لرجل أكبر منها سناً بكثير وكتب بعدها ثلاثية (خرائط ,هدايا, أسرار) المترجمة لدى "منشورات الجمل" وتتطرق عن أزمة ما بعد الإستعمار ونهاية القومية والتحزب والفرو قات الطبقية.
ورغم سنين عديدة من عيشه في المنفى لا يزال فرح يعتبر نفسه صومالياً كما يقول ويضيف: "البلد الذي أتحدث عنه في كتبي هو بلد أحلم به وتدور أفكاري حوله".
I will never forget what the writer
Herman Hesse wrote in a translated article that I read recently published by
“Saqia” entitled: Herman Hesse and what the trees teach us about the meaning of
belonging and life, and that great impact they left on me, which is in fact my
first motivation, perhaps in writing this post.
quote:
"In those times when we are afflicted with
adversity, when we are so helpless that we feel that we will not stand up for life any longer, we must stand in front of a tree, because it is always trying to
tell us something like: try to survive, resistant more, look at me
and listen well, Life is not that easy, but it is also not as difficult
as we think, what you are going through is just intrusive thoughts, because the
homeland may not be where you are and it may not be in another place, because
the homeland must be within you, otherwise it will never be.
Since my childhood, I had been
carrying many questions about which country should I belong to or even
love! And to which of them should be my absolute loyalty, I lived in an
endless cycle. It all started when I was twelve, specifically in school,
when one of them came to make a statistic about the number of
"foreign" students in the class and asked them to stand and I stood
like them, knowing that I am Somali of my own origin, and sometimes the teacher
notices my last name and asks me to sit down
which always amaze the students who would like to ask me to
stand up too, while some of the others just stared at me!
During time I hated the fact that I am I was not accepting it and scared of talking about it.
I always felt that I would be
dismissed immediately as soon as I was revealed by others. When I think
about that now, I regret it, I regret the things that made me forced to hide my
identity for fear of exclusion or being subjected to abuse and bullying. I
hated when I was not treated as a Saudi girl and the conversation was always
about whether I could speak Somali language or not!
Although I always answered no, they never stopped bothering me and continued to
interrogate me and ask me about how to pronounce words in Somali? I often
answered with urgency and hoped at the same time that they would stop talking
to me and continue with my question after I saturated their curiosity, even a
little, but of course this only prompted them to ask more and more similar
questions. I was a very shy girl and I am still is. I think that made my life difficult
at some point, I saw a girl talking about the difficulties that she faced
because of being half American half Kuwaiti at the same time and how I found
both societies facing her with rejection. Maybe I’m different than her I don’t know, but I found in her conversation
similarity to what I have been through. How others despite my Saudi nationality
did not deal with me on that fact, for them I was always a Somali girl, and
that reminds me of how even the Somalis themselves in the media have become
when I deal with them and I disclose what I am
and they tell me that I am not one of them as long as my passport is green
! It is not as if this exclusion is limited to this issue of
permissibility! I discovered the truth of the matter myself when I was
unable to engage in any serious discussions about the homeland, I had never
visited that country, and consequently all the events of the past war and the
conflicts that were the reason for the separation between them and which are
the main historical events that a person should look at in order to be an
indication of his belonging that I am completely ignorant! I somewhat
understand the reason for this exclusion, but unless I accept it this constant
questioning of my feelings and my love, why would I always have to make a
comparison between both countries? To prove what? Loyalty,
affiliation ?.
I always feel frustrated when I am placed at
some point where I have to choose, refuse to have my bias as a sign of
rejection of any of them!
I do not think that I owe anyone whatsoever to
explain and justify my love, my position and my affiliation!
I love each of them in a different way and this is what I am sure about.


❤️❤️❤️❤️
ردحذف❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️ عجزت اعبر اكثر
ردحذف