عندما يصبح الصوت عبئًا .
كان صوتي يخذلني كلما أردت التحدث. كلما هممت بفتح فمي، كانت الكلمات تخرج متعبة ومتقطعة، وكأنها تحمل أوزانًا ثقيلة لا أراها. في البداية، لم أعر الأمر اهتمامًا، لكنني أدركت أن هناك خطبًا ما عندما بدأ صوتي يخفت شيئًا فشيئًا. وكلما حاولت النطق بكلمة، بدا وكأنه يأتي من أعماق الأرض، على حد تعبير أحدهم.
بدأ الأمر تحديدًا عندما سألني أخي ذات مرة: “ما بال صوتك؟ هل أنتِ متعبة؟” فأجبته نافية بأنني على ما يرام. لكن بعد ذلك، تتابعت الأسئلة، وكنت أردّ متعجبة: “هذا هو صوتي!” مضت فترة طويلة قبل أن ألحظ التغيرات التي طرأت على أحبالي الصوتية، حتى وجدت نفسي مضطرة لمواجهة أكثر الأسئلة إحراجًا وقسوة.
لم أحب صوتي يومًا. كنت دائمًا أنتقده وأحاول تغييره، كرهت عاديّته! كنت أصفه دومًا بأنه “صوت عادي”، بينما لم يتوانَ الآخرون عن الإطراء عليه كلما سنحت لهم الفرصة، لكنني لم أكن أكترث لذلك. لم أشعر يومًا أن صوتي يشبهني؛ لطالما اعتقدت أن الصوت أشبه ببوصلة تدلّنا على هويتنا، وتعكس مشاعرنا، وتصلنا بالعالم.
لكن عندما بدأت أفقد نبرتي الطبيعية، شعرت وكأنني أضلّ طريقي للحظة، وكأن ما أصابني لم يكن سوى لعنة، ربما لأنني لم أقدّر صوتي يومًا كما ينبغي!
في إحدى المرات، صادف أنني ذهبت إلى المشفى برفقة أختي التي كانت تشكو من ألم في حلقها بسبب الزكام. أثناء فحصها في عيادة الأنف والأذن والحنجرة، تدخلتُ في الحديث عدة مرات، ما دفع الطبيب إلى الالتفات نحو أختي وسؤالها إن كان هذا هو صوتي المعتاد. أجابته بأنه أصبح كذلك فجأة. ابتسم الطبيب بمرح وقال: “ربما لأنك عصبية وتنفعلين كثيرًا!” أجبته بأنني فتاة هادئة جدًا ولا أدخن كذلك.
راجعت الطبيب لاحقًا بخصوص حالتي، وبعد إجراء الفحوصات، تبيّن أن هناك نتوءًا في أحبالي الصوتية، وأنه لا يستدعي تدخّلًا جراحيًا في الوقت الحالي، إذ يمكن تجربة جلسات التخاطب أولًا. رحّبت بالفكرة بسرور، متأملة أن تنجح، إذ كنت أخشى العمليات الجراحية.
ذهبت إلى عيادة التخاطب، وبعد تجربة بعض التمارين، أخبرتني الأخصائية بأن تطبيقها صعب بسبب حالتي، وأنه يجدر بي التفكير في الخيار الجراحي، وهو ما كنت أخشاه أكثر من أي شيء آخر. بقيت مترددة لفترة طويلة، لكن لأنني لم أحتمل فكرة مواصلة حياتي بصوت متعب، وافقت في النهاية، رغم خوفي الشديد.
في غرفة العمليات، كنت أرتدي غطاء الرأس والرداء الأزرق، وشعرت حينها بجديّة الأمر. لا مفرّ الآن، ولا مجال للتراجع. وددت لو أبكي من شدّة خوفي. تعددت مخاوفي، لكن أكثر ما كان يرعبني هو الموت! رغم كل التطمينات، لم تفارقني رهبة المكان، ولم أستطع تجاوزها.
كنت أسترجع تلك القصص عن أولئك الذين دخلوا لإجراء عمليات بسيطة ولم يخرجوا منها قط. الأخطاء واردة، وتحدث. وأنا مستلقية في الغرفة المخصصة لتهيئة المرضى قبل العملية، رأيت مسنًا يرافقه ابنه، يستعدّ لإجراء عملية في قلبه. شعرت بالسوء لأجله أولًا، ثم تساءلت عن مدى شجاعته، أم تراه كان خائفًا مثلي، لكنه على العكس مني، كان يكابد مخاوفه ويتجاهل قلقه؟ ربما كان يحمل بين أضلعه قلبًا متعبًا، لكنه كان أيضًا قلبًا شجاعًا.
بدأ الأمر تحديدًا عندما سألني أخي ذات مرة: “ما بال صوتك؟ هل أنتِ متعبة؟” فأجبته نافية بأنني على ما يرام. لكن بعد ذلك، تتابعت الأسئلة، وكنت أردّ متعجبة: “هذا هو صوتي!” مضت فترة طويلة قبل أن ألحظ التغيرات التي طرأت على أحبالي الصوتية، حتى وجدت نفسي مضطرة لمواجهة أكثر الأسئلة إحراجًا وقسوة.
لم أحب صوتي يومًا. كنت دائمًا أنتقده وأحاول تغييره، كرهت عاديّته! كنت أصفه دومًا بأنه “صوت عادي”، بينما لم يتوانَ الآخرون عن الإطراء عليه كلما سنحت لهم الفرصة، لكنني لم أكن أكترث لذلك. لم أشعر يومًا أن صوتي يشبهني؛ لطالما اعتقدت أن الصوت أشبه ببوصلة تدلّنا على هويتنا، وتعكس مشاعرنا، وتصلنا بالعالم.
لكن عندما بدأت أفقد نبرتي الطبيعية، شعرت وكأنني أضلّ طريقي للحظة، وكأن ما أصابني لم يكن سوى لعنة، ربما لأنني لم أقدّر صوتي يومًا كما ينبغي!
في إحدى المرات، صادف أنني ذهبت إلى المشفى برفقة أختي التي كانت تشكو من ألم في حلقها بسبب الزكام. أثناء فحصها في عيادة الأنف والأذن والحنجرة، تدخلتُ في الحديث عدة مرات، ما دفع الطبيب إلى الالتفات نحو أختي وسؤالها إن كان هذا هو صوتي المعتاد. أجابته بأنه أصبح كذلك فجأة. ابتسم الطبيب بمرح وقال: “ربما لأنك عصبية وتنفعلين كثيرًا!” أجبته بأنني فتاة هادئة جدًا ولا أدخن كذلك.
راجعت الطبيب لاحقًا بخصوص حالتي، وبعد إجراء الفحوصات، تبيّن أن هناك نتوءًا في أحبالي الصوتية، وأنه لا يستدعي تدخّلًا جراحيًا في الوقت الحالي، إذ يمكن تجربة جلسات التخاطب أولًا. رحّبت بالفكرة بسرور، متأملة أن تنجح، إذ كنت أخشى العمليات الجراحية.
ذهبت إلى عيادة التخاطب، وبعد تجربة بعض التمارين، أخبرتني الأخصائية بأن تطبيقها صعب بسبب حالتي، وأنه يجدر بي التفكير في الخيار الجراحي، وهو ما كنت أخشاه أكثر من أي شيء آخر. بقيت مترددة لفترة طويلة، لكن لأنني لم أحتمل فكرة مواصلة حياتي بصوت متعب، وافقت في النهاية، رغم خوفي الشديد.
في غرفة العمليات، كنت أرتدي غطاء الرأس والرداء الأزرق، وشعرت حينها بجديّة الأمر. لا مفرّ الآن، ولا مجال للتراجع. وددت لو أبكي من شدّة خوفي. تعددت مخاوفي، لكن أكثر ما كان يرعبني هو الموت! رغم كل التطمينات، لم تفارقني رهبة المكان، ولم أستطع تجاوزها.
كنت أسترجع تلك القصص عن أولئك الذين دخلوا لإجراء عمليات بسيطة ولم يخرجوا منها قط. الأخطاء واردة، وتحدث. وأنا مستلقية في الغرفة المخصصة لتهيئة المرضى قبل العملية، رأيت مسنًا يرافقه ابنه، يستعدّ لإجراء عملية في قلبه. شعرت بالسوء لأجله أولًا، ثم تساءلت عن مدى شجاعته، أم تراه كان خائفًا مثلي، لكنه على العكس مني، كان يكابد مخاوفه ويتجاهل قلقه؟ ربما كان يحمل بين أضلعه قلبًا متعبًا، لكنه كان أيضًا قلبًا شجاعًا.

حمدالله على سلامتك طهور ان شاء الله.. وكثيراً مانملك اشياء في انفسنا لانحبها وقد لايراها من حولنا انه شيء مهم ولكن يظل يُزعجنا ..الى ان نتخلص منه ونستعيد بذالك شيئا من الراحه النفسيه!!
ردحذفوشجاعتك ع الاقدام على مثل هذه الخطوه كان لها الاثر الاكبر على تعافيك وتحسن صوتك بسرعه !!